دنيا الغدر...بقلم حسن بوموس

دنيا الغدر
أصبحت تائها
في دنيا الغدر
أجُرّ فيها ذيلي
واشطب فيها بلحيتي
وأسيل فيها لُعابي
حائر فيها لا أعرف
رأسي من رجلي
أتخبط فيها خبط عشواء لعلِّي
أعثر فيها عن  بصيص من الأمل
وأعيش فيها حتى أنا المسكين
كإنسان
لكنها تستدرجني
إلى حيث لا أدري
فاحتميت بشعري
تتلاعب بي دنيا الغدر
كما تتلاعب الأمواج بزبد البحر
تتقاذفني كما شرارة من نار
التي حَوَّلَتْ الحدائق و الفنون
إلى الحرائق و الجنون
سنون
مرّت من عمري
ولا زلت أقلب عليه كفّي
وأهتز فوق غربالي
وأبحث عن نفسي في ذاتي فلم أجدني
إلا عند الوقوف أمام المِرآة
مِرْآة الشيطان
كلّما ابتعدت عن ذاتي
اشتقت لنفسي
وكلما هربتُ من ذاتي
وجدت نفسي أمامي
قلق مكتئب حزين
مصاب باليأس والملل
دنيا الغدر تدغدغني
وتكاليف الحياة تتعبني
والأمل يُلملمني
دنيا الغدرتضطرني
إلى التلون
كما الحرباء المتنقلة
عبر التوابل
أتلون في رمشة العين
وفي غمضة الجفن
وبسرعة الضوء
تارة بقلب الجمل
تارة بقلب البصل
مسيل للدمع
ولِمَسّ الجنّ نافع
أحيانا أتقمص شخصية القنفذ
يخفي الأشواك ويستخدم الذكاء
أحيانا أنتحل شخصية النعامة
تدس رأسها في التراب
وتعرض جسدها للخطر
لأن ثعبان الصُلّ
لا يموت إلا من الرأس
في دنيا الغدرلا شيء عاد يهمني
إن رضي عني وطني
فقطرانه عندي حلو كالعسل
يذهب عني الشعور بالملل
فتجارتي أنا المسكين
في  راحة بدني
وليس في البيع ولا الشراء ولا الماركوتين
بحثت وقلبت ونقبت عن السعادة
طول حياتي
ولم أجدها سوى في التواضع والبساطة
وإسعاد الغير و الابتعاد عن الحقد والكراهية
والغل والحسد
عكس ناس الغرب
يبحثون عن السعادة
على ظهور الحمير والبغال
وفي الآثار القديمة كالأطلال
وفي الأواني القديمة من الأواني
كالقدور والجِفان
وفي أركان الزوايا حيث العناكب
دنيا الغدرتستدرجني
إلى التنكيس
ثم إلى الفناء
تلكم هي دنيا الغدر كالظل
إذا هربت منها تبعتك
وإذا تبعتها هربت منك
كالذي يركض
صوب السراب
يحسبه الضمآن ماء
فالدنيا هنا حلوة خضراء
وهناك عجوز شمطاء...بقلم حسن بوموس